فيلم "حياة الماعز"- حملة مغرضة ضد المملكة وإنجازاتها.

المؤلف: محمد مفتي11.24.2025
فيلم "حياة الماعز"- حملة مغرضة ضد المملكة وإنجازاتها.

تناول ثلة من النقاد والمحللين الفيلم المثير للجدل، والمعروف بـ "حياة الماعز"، الذي اكتنفه سطحية وسذاجة بالغة، فضلاً عن ادعاءات زائفة لا تخفى على المتأمل. ورغم زعم منتجي هذا العمل السينمائي بأنه مستوحى من قصة حقيقية، إلا أن التدقيق يكشف زيف هذا الادعاء، إذ تبدو الحبكة الدرامية هزيلة ومن نسج خيالهم المريض، زاعمين بأنها قصة عامل وقع ضحية لعملية احتيال في المملكة العربية السعودية. ومن الجليّ أن أحداث الفيلم وتفاصيله لا تمت للواقع بصلة، بل هي محض افتراءات لا أساس لها من الصحة.

وبصفتي الشخصية، لم أشاهد هذا الفيلم، ولا أنوي مشاهدته إطلاقًا، إلا أن ما كُتب عنه، وما رافقه من تضخيم مفرط من قبل بعض الأطراف التي استقبلته وكأنه غنيمة ثمينة، سانحةً لهم لمهاجمة المملكة العربية السعودية وتشويه سمعتها، دفعني للتأكيد مجددًا على ما تناولته سابقًا في مقالات عدة، من أن هناك جهات معينة تتربص بالمملكة، وتزداد حدة انتقاداتها كلما حققت المملكة المزيد من الإنجازات، وكلما تسارعت وتيرة التنمية. فهذه الأطراف لا تعير اهتمامًا لحقوق الإنسان، ولا تبالي بأي قضية حقيقية، بل جلّ همها هو تلطيخ الصورة المضيئة لإنجازات المملكة الشاملة في مختلف المجالات.

ممّا لا شكّ فيه، أن توقيت ومضمون هذا الفيلم يثيران العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء تبني بعض الجهات الإنتاجية لفيلم مسيء بهذا الشكل الفجّ. ومن المؤكد أن القائمين على إنتاج هذا الفيلم قد تجاهلوا ردود أفعال كل من يعيش على أرض المملكة، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، إذ ركز الفيلم بشكل انتقائي على الأطراف التي ستستقبل ظهوره بفرح وترحيب، والمتعطشة لمحتواه قبل حتى التفكير في مدى معقوليته أو مصداقيته. فهذه النوعية من الأفلام تجد لها جمهورًا مستعدًا لتصديق أي أكاذيب والاحتفاء بأي انتقادات مسبقة، فآراؤهم متحيزة وأفكارهم نمطية، وتهمهم جاهزة.

يتجاهل الفيلم -كما كان متوقعًا- المسيرة الإصلاحية الشاملة التي تشهدها المملكة، بما في ذلك تحسين العلاقة بين العامل ورب العمل على حد سواء، وبما يضمن تحقيق مصالح الطرفين. وتزخر المحاكم السعودية بالعديد من القضايا التي أنصفت العمال، سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين، فالمحكمة لا تنظر إلى جنسية المدعي، بل إلى وقائع القضية فحسب. كما أن العديد من الإصلاحات الهيكلية تعمل الآن على تأطير العلاقة بين العامل وصاحب العمل، فعلى سبيل المثال -لا الحصر- لا يُسمح لصاحب العمل بنقل العامل لديه إلى أي جهة أخرى دون موافقته ورضاه التامين على الراتب الذي سيتقاضاه من صاحب العمل الجديد.

من المؤكد أن الجهات الإنتاجية لمثل هذا العمل وأمثاله تتغاضى عن هذه الحقائق الموضوعية بشكل متعمد، تمامًا كما تغض الطرف عن حقيقة أن قضايا النصب والاحتيال موجودة في جميع المجتمعات، بل إنها تشكل ظواهر متفشية في بعضها، وليست مجرد حالات فردية، حتى في الدول المتقدمة. فالاحتيال ظاهرة عالمية لا يمكن القضاء عليها تمامًا، وإنما يقاس تقدم المجتمع بمدى انخفاض معدل الجرائم، وبمدى تطور النظم القضائية والمؤسسية التي تعاقب المجرمين وتعوض المتضررين وتسن القوانين التي تنظم العلاقة بين جميع الأطراف المعنية.

لقد سبق لي شخصيًا زيارة الهند عدة مرات في فترة الثمانينات، حيث زرت مومباي ونيودلهي وأجرا وغيرها. وفي حقيقة الأمر، لم أجد الهند مجتمعًا مثاليًا يخلو من النصب والاحتيال، بل ربما يعلم الجميع أن الزائرين للهند يمثلون هدفًا جذابًا لبعض النفوس الضعيفة، وهم عرضة للصوص والمحتالين. ولعلّه كان من الأجدر بالطاقم الهندي المشارك في الفيلم أن يكرس جهوده لمناقشة الظواهر الإجرامية الواقعية في المجتمع الهندي ومحاولة كشفها للجمهور، بدلًا من توجيه طاقاتهم لاختلاق أحداث وتلفيق تفاصيلها بهدف تشويه سمعة بعض المجتمعات الأخرى ومحاولة التقليل شأن إنجازاتها المشرقة.

من المؤكد أن هذه النوعية المتدنية من الأفلام، على غرار "حياة الماعز"، لا تستحق حتى الكلمات التي كتبت عنها. ونحن هنا لا نقدم ردًا أو نقدًا أو تحليلًا للفيلم، فهو لا يستحق عناء الالتفات إلى ترهاته التي أثارت سخرية واستهجان جميع المُنصفين، سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين. غير أن ما يهمنا هنا هو لفت الانتباه إلى مدى توظيف بعض الجهات المريبة لهذا النوع من الفن الهابط، وإلى حجم الكراهية والعداء الذي تكنه للمملكة، التي لا تلتفت إلى هذه الحماقات والأضغان، بل لديها أهدافها وخططها وطموحاتها التي تسعى جاهدة لتحقيقها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة